histoire
  اعترافات سفاح اقتصادي ج 3
 

اعترافات عن الإجرام الأمريكي ج3

يقول المؤلف: جعلني كلامه اجفل، فقد كانت شركة بيكتل اقوى شركات الهندسة في العالم، وكثيرا ما كانت تتعاون في مشاريعها مع شركة (مين). وفي حالة خطة بنما الرئيسية، كنت قد افترضت انها احد منافسينا الرئيسيين.
ويوضح توريجوس قوله، ويضيف: “اننا ندرس إنشاء قناة جديدة، بمستوى سطح البحر، دون عوائق لحركة الملاحة. وتستطيع تمرير سفن اضخم. وقد يكون اليابانيون مهتمين بتمويل انشائها”.
“انهم اكبر الجهات استخداما للقناة”.
“تماما. وبطبيعة الحال، اذا وفروا لنا المال، فسوف يتولون انشاءها”.
يقول المؤلف: صعقني ما قاله توريجوس، وعلقت قائلا: “وستخرج شركة بيكتل خالية الوفاض”.
قال توريجوس: “انه اضخم عمل انشاءات في التاريخ الحديث”. واستطرد قائلا: “ان رئيس شركة بيكتل هو جورج شولتز، وزير الخزانة في حكومة نيكسون. وتستطيع ان تتخيل حجم النفوذ الذي يملكه، ومزاجه الشهير، ان بيكتل غاصة بالاصدقاء الحميمين لكل من نيكسون، وفورد، وبوش. وقد قيل لي ان شركة بيكتل تحرك خيوط الحزب الجمهوري”.
يقول المؤلف معقبا على ذلك: اشعرتني هذه المحادثة بعدم ارتياح شديد. فقد كنت احد الاشخاص الذين يدعمون النظام الذي يكن له الاحتقار الشديد، وكنت على ثقة من انه يعرف ذلك. ويبدو ان مهمتي في اقناعه بقبول القروض الدولية مقابل استئجار شركات هندسة وانشاءات امريكية قد اصطدمت بجدار صلب.
بعد ذلك، يقول المؤلف، عندئذ سألت الجنرال عن سبب دعوتي لمقابلته. فقال: “ان بنما تريد مساعدة منكم. أنا بحاجة الى مساعدتك”.
شعرت بالذهول، وسألت “مساعدتي؟ ماذا استطيع ان افعل لكم؟”.
قال الجنرال: “سوف نستعيد القناة. ولكن ذلك ليس كافيا، ويجب ان نبين أننا نعتني بفقرائنا. ويجب ان نبرهن بما لا يدع مجالا للشك على ان تصميمنا على احراز استقلالنا ليس مفروضا علينا من قبل روسيا أو الصين أو كوبا. يجب ان نبرهن للعالم ان بنما بلد منطقي، واننا لا نقف ضد الولايات المتحدة بل مع حقوق الفقراء”. واستطرد قائلا: “ولكي نفعل ذلك يجب ان نبني قاعدة اقتصادية لا تشبه أي قاعدة في هذا النصف من الكرة الارضية. نريد كهرباء، نعم، ولكن الكهرباء تصل الى افقر فقرائنا وبسعر مدعوم. ونريد الشيء ذاته بالنسبة الى النقل والاتصالات، والى الزراعة بوجه خاص. وفعل ذلك يكلف اموالا اموالكم، البنك الدولي وبنك تنمية دول امريكا”. ثم تابع يقول: “اني ادرك ان شركتكم تريد مزيدا من العمل وهي تحصل عليه في العادة بتضخيم حجم المشاريع طرق سريعة اعرض، محطات توليد طاقة اكبر، موانئ اعمق. ولكن، هذه المرة، الأمر مختلف اعطني ما هو افضل لشعبي، وسوف اعطيك كل العمل الذي تريدونه”.
يقول المؤلف تعقيبا على ذلك، كان ما اقترحه توريجوس غير متوقع بالمرة، وقد اذهلني وأثارني في الوقت ذاته. وهو بكل تأكيد يتحدى كل ما تعلمته في شركة “مين”. لقد كان يعرف بالتأكيد ان لعبة المساعدات الاجنبية خدعة كان لا بد له ان يعرف ذلك. وقد وجدت لكي تجعله ثريا وتكبل بلاده بالديون. وكانت موجودة لكي تظل بنما مطوقة الى الابد بالتبعية للولايات المتحدة ولحكم الشركات. كانت هنالك لكي تُبقي امريكا اللاتينية على درب (المصير البديهي) (المبدأ الذي يعتقد الامريكيون بموجبه ان الله قد وهبهم حق السيطرة على كل امريكا الشمالية - م)، وتكون خاضعة لواشنطن ووول ستريت. كنت على ثقة انه كان يعلم ان النظام قائم على افتراض ان جميع الرجال في السلطة قابلون للإفساد، وان قراره بعدم استغلال الامر من اجل منفعته الشخصية سوف يُعتبر خطراً وتهديداً، وصيغة من لعبة الدومينو التي ستتوالى بموجبها ردود الفعل، وتقلب ذلك النظام برمته في نهاية المطاف.
وهكذا، كما يبين المؤلف، حين لم يذعن عمر توريجوس للمطالب الامريكية، وحين استعصى على إفساد وكالة الاستخبارات المركزية، ورفض رهن بلاده لامريكا وشركاتها مقابل حفنة دولارات، قرروا قتلة، ودبروا له “حادث تحطم طائرة” سنة 1981. ولكن قصة بنما لم تنته عند هذا الحد.
مكنمارا وشولتز كانا يمثلان تحالف الشركات والمصارف والحكومة.. والآن تشيني ورايس

حكم بنما بعد عمر توريجوس، الرئيس مانويل نورييجا، الذي حاول في اول حكمه السير على خطى معلمه توريجوس، ولكنه حاد عنها في ما بعد.
ينقل المؤلف عن مذكرات نورييجا قوله:
كان وزير الخارجية الامريكية جورج شولتز مديراً سابقاً لشركة الانشاءات المتعددة الجنسيات بيكتل، وكان وزير الدفاع الامريكي كاسبر واينبرجر نائباً لرئيس بيكتل، ولم يكن شيء أحبّ على بيكتل من كسب مليارات الدولارات التي سيدرّها انشاء القناة.. وقد خشي ريجان وبوش احتمال هيمنة اليابان على تنفيذ مشروع انشاء القناة في النهاية، ولم يكن الامر يتعلق فقط بخوف ليس في محله على الأمن، بل كانت هنالك مسألة التنافس التجاري. فقد كانت شركات الانشاءات الامريكية ترفض خسارة مليارات الدولارات”.
رفض نورييجا التجديد لما يسمى “مدرسة الامريكيتين” لمدة خمس عشرة سنة اخرى، وكانت هذه المدرسة الامريكية، كما وصفها نورييجا، مركزاً لتدريب فرق الموت والميليشيات اليمينية القمعية. وعلى أثر ذلك، وفي 20 ديسمبر/كانون الاول ،1989 هاجمت الولايات المتحدة بنما ضمن أضخم وأعنف هجوم محمول جواً على مدينة من المدن منذ الحرب العالمية الثانية. وكان هجوماً ليس له ما يبرره على السكان المدنيين. ولم تكن بنما، كما يقول المؤلف، ولا شعبها، يشكلان اي خطر أو تهديد للولايات المتحدة أو غيرها من الدول. وقد ادان الساسة والحكومات ووسائل الاعلام في العالم كله العمل الامريكي المنفرد، واعتبروه انتهاكاً للقانون الدولي.
كان ذنب بنما الوحيد انها تجرأت على تحدي رغبات نفر قليل من الساسة المقتدرين والمسؤولين في بعض الشركات الكبرى. وأصرت على ضرورة احترام معاهدة القناة، واجرت مناقشات مع المصلحين الاجتماعيين، ودرست امكانات بناء قناة جديدة بتمويل ياباني.
يقول نورييجا بهذا الخصوص:
اريد ان اوضح ان حملة زعزعة الاستقرار التي شنتها الولايات المتحدة سنة ،1986 وانتهت بغزو بنما سنة ،1989 كانت نتيجة لرفض الولايات المتحدة اي سيناريو قد يتضمن ان تكون السيطرة على قناة بنما في المستقبل في ايدي دولة بنمية مستقلة ذات سيادة، تساندها اليابان.
قتلوا رئيس الاكوادور
هذا ما حدث في بنما، كما رواه مؤلف الكتاب. والشيء ذاته تقريباً حدث في الاكوادور. يقول المؤلف: قبل شهرين فقط من مقتل توريجوس. فعلوا الشيء ذاته مع جيمي رولدوس اول رئيس منتخب ديمقراطياً في الاكوادور منذ عقود، لأنه وقف في وجه شركات النفط الامريكية. لم نستطع نحن السفاحين الاقتصاديين الإيقاع به، ولذلك كان لا بد ان يموت في حادث تحطم طائرة عمودية.
... لأنه خاض اول انتخابات ديمقراطية في الاكوادور على مدى عقود عديدة. وكان يعتزم تحقيق السيادة والاستقلال لبلاده. وكان يقول عندئذ انه لو وجد النفط في الاكوادور فإنه ينبغي ان يستفيد منه أهل البلاد. وعندما اصبح رئيساً راح يطبق شعاراته تلك، وسنّ قانون الهيدروكربونات، كما دعاه، الذي كان في اساسه قانوناً للنفط، يضمن في حال استخراج النفط في الاكوادور، ان تذهب غالبية عائداته لشعب هذا البلد. وكان بذلك يرسي سابقة لم تستطع شركات النفط تحمّلها، لانها في كل أنحاء العالم كانت تستغل كل هذه الدول كما تفعل اليوم. وقال رولدوس انه لن يدع ذلك يحدث لبلاده.
يقول المؤلف في تعقيب على كتابه المكون من ثلاثين فصلاً قصيراً، موزعة على مائتين وخمسين صفحة، ان ما لدينا هنا، هو امبراطورية عالمية يسيطر عليها نفر قليل من الرجال الذين اطلق عليهم اسم “كوربوراتوكراسي”، وهؤلاء هم رؤساء الشركات الكبرى، والمصارف الكبرى، والحكومة، وكثيراً ما يجمع الواحد منهم بين الصفات الثلاث. وهم يقفزون من فئة الى اخرى من هذه الفئات، وروبرت مكنمارا خير مثال على ذلك. فقد كان رئيساً لشركة فورد، ثم اصبح وزير الدفاع في الولايات المتحدة في ظل حكم كنيدي وجونسون، ثم اصبح رئيساً للبنك الدولي. وفي كل هذه الادوار كانت مهمته تتمثل في تعزيز اوساط الاعمال الامريكية، ودعم حكم التحالف الثلاثي الذي ذكرته آنفاً، من اجل جلب الغنائم الى الولايات المتحدة واستغلال العالم. وقد عمل في ظل نظامين ديمقراطيين اثناء حكم كنيدي وجونسون. واليوم لدينا ديك تشيني الذي يحمل الصفات نفسها. وكان لدينا جورج شولتز اثناء حكم الرئيس جورج بوش الاب. وهكذا فالرئيسان بوش الاب وبوش الابن لديهما هذا الصنف من الموظفين. وكوندوليزا رايس من الأمثلة الاخرى على ذلك.

 
  Aujourd'hui sont déjà 40 visiteurs (62 hits) Ici!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement