histoire
  اعترافات سفاح اقتصادي ج 4
 

اعترافات عن الإجرام الأمريكي ج 4

والحكومة مملوءة بأمثال هؤلاء الناس وليست القضية مقتصرة على الحزب الجمهوري بل تشمل الحزبين معاً. وهي تتجاوز كل الحدود، ومكنمارا مثال جيد على ذلك، فقد كان أحد أهم المنظرين في صياغة أطر الديمقراطيات الجديدة، وما كان يسميه الادارة العدوانية، وقد كانت عدوانية في خروجها الى الخارج وجلب العالم الى داخل الولايات المتحدة، بحيث ان لدينا اليوم من بين مائة من اكبر الديمقراطيات في العالم، هنالك 52 منها عبارة عن شركات، و47 منها شركات امريكية وليست دولاً. ونحن عبارة عن 5% من سكان العالم نمتد في العالم مثل أخطبوط هائل ونمتص الى داخل بلادنا 25% أو اكثر من موارد العالم. والنسبة الفعلية ليست 5% من سكان العالم، لأن 1% من سكان الولايات المتحدة يملكون من الثروة المادية اكثر مما يملكه 90% من السكان لدينا. وعلى ذلك فإن 1% من سكان الولايات المتحدة هم التحالف الثلاثي الحاكم (تحالف الشركات والمصارف والحكومة)، وهم الذين يمتصون كل ذلك، أما بقيتنا فتساند ذلك من خلال ضرائبنا، ومن خلال مشترياتنا، ومن خلال صمتنا، ومن خلال مجاراتنا لهذا النظام. مثلي أنا، باعتباري سفاحاً اقتصادياً، فأنا لم أساير النظام وحسب، بل كنت أدعمه وأرسّخ أسسه.
ولكني كنت أفعل ذلك بصورة قانونية في معظم الاحيان، وكنت أفعله وأنا ألاقي التشجيع من كل الذين جرى تدريبي للتطلع اليهم في الاعلى.
وتحدث المؤلف عن اساليب اقامة هذه الامبراطورية العالمية، ومن هذه الاساليب تدبير قروض ضخمة لبعض الدول الفقيرة، تكون اكبر من قدرتها على السداد، وحين تعجز عن سداد هذه القروض، يجري استعبادها والاستيلاء على ثرواتها ومواردها الى أجل غير مسمى، بحيث تظل تدور في فلك الامبراطورية الامريكية.
واذا تمردت هذه الدولة، ورفضت الانصياع للشروط الامريكية، يمكن قتل رئيسها المتمرد والإتيان بدكتاتور مكانه، يحكمها بالحديد والنار، ويسلم قيادها لتلك الامبراطورية، مقابل توفير الحماية له وضمان بقائه على سدة الحكم.
واذا لم ينفع كل ذلك، ولم تنجح خطة الاغتيال أو تعذّر افتعال حادث مدبّر، فيمكن اللجوء الى الغزو المباشر، بعد غسيل دماغ جماهيري سريع تجريه وسائل الاعلام المتنفذة التي تتغذى بأموال ثالوث الشركات والمصارف والحكومة، الذي يتحدث عنه المؤلف. والأمثلة على كل من هذه الحالات كثيرة، يأتي المؤلف على ذكر حشد كبير منها، وبخاصة مما كان له خبرة مباشرة في تخطيطه وتنفيذه، كما ان اي متصفح للتاريخ الحديث يجد العديد من الامثلة والتطبيقات على ذلك.
باتجاه الدول الغنية
ولكن هذه، ليست كل الوسائل والاساليب الموجودة في جعبة أرباب هذه الامبراطورية، بل هنالك اسلوب يستخدم بوجه خاص مع الفئة الغنية من دول العالم الثالث، ألا وهو اسلوب تطوير وتحديث البنى التحتية في هذه الدول، بحيث تدفع معظم أموالها ثمناً لمواد وادوات واجهزة تشتريها من هذه الامبراطورية بأسعار مفروضة، أو ثمنا لخبرات وخدمات تقدّمها شركات هذه الامبراطورية ومهندسوها.
يقول المؤلف، ان مهمته مع مثل تلك الدول، كانت تنحصر في ايجاد صيغة ترضي حكومات تلك الدول، وترضي وزارة المالية الامريكية، وترضي رؤساءه في شركة “مين”، وبموجب هذه الصيغة، سوف تستخدم الاموال في خلق قطاع صناعي يتركز على تحويل النفط الخام الى منتجات جاهزة للتصدير. وبناء على ذلك سوف تقام مجمعات هائلة لصناعة البتروكيماويات، ومن حولها مجمعات صناعية هائلة اخرى. ومن الطبيعي ان تتطلب مثل هذه الخطة أيضاً إنشاء محطات توليد كهربائي ذات قدرة عظيمة، وخطوط نقل وتوزيع، وبناء طرق عريضة سريعة، وخطوط انابيب، وشبكات اتصال، وأنظمة نقل، بما فيها بناء المطارات الجديدة، وتحسين وتطوير الموانئ، واقامة سلسلة واسعة من الصناعات، والبنية التحتية اللازمة للحفاظ على حسن سير كل ذلك.
ويتابع المؤلف قائلاً: كانت لدينا توقعات عالية بأن تتطور هذه الخطة لتصبح نموذجاً يحتذى في بقية انحاء العالم. وسوف تتغنى الدولة التي تنفذ فيها هذه الخطة بمآثرنا، وتدعو الزعماء من دول كثيرة ليأتوا اليها ويشهدوا المعجزات التي حققناها، وعندئذ سوف يناشدنا هؤلاء الزعماء لمساعدتهم على وضع خطط مماثلة تنفذ في بلادهم. واذا لم تكن بلادهم من الدول الغنية، فسوف تجري الترتيبات للاقتراض من البنك الدولي أو غير ذلك من الاساليب التي تجعلها رازحة تحت عبء الديون لتمويل هذه المشاريع، وهذا هو ما تتمناه الامبراطورية الكونية.
وقد لاحظ المؤلف ان بعض الدول التي تم تنفيذ هذه الخطط فيها لا تملك النية في جعل أبنائها ينغمسون في المهن الدنيا، سواء كعمال في تلك المرافق أو في عملية الانشاء الفعلية في أي من تلك المشاريع. وفي بعض الحالات كان عدد ابنائها قليلاً أصلاً. كما ان مناهج التربية في بعض تلك البلدان لم تكن تؤهل ابناء البلد للعمل في تلك المهن اليدوية. وكان ابناء البلد يحبون ادارة اعمال الآخرين، ولكنهم لا يملكون الرغبة أو الدافع لكي يصبحوا عمالاً في المصانع أو في اعمال البناء. ومن هنا كان لا بد من استيراد قوة عمل من الدول الاخرى - التي تتميز برخص الأيدي العاملة، والتي يحتاج أبناؤها الى مزاولة العمل.
ويتابع المؤلف قائلاً ان ذلك خلق مزيداً من فرص التنمية. فسوف تكون هنالك حاجة الى بناء مجمعات سكنية ضخمة تؤوي هؤلاء العمال، وإقامة مجمعات تجارية كبيرة لهم، ومستشفيات ومرافق اطفاء وشرطة، ومحطات لتزويدهم بالماء، ومعامل لمعالجة مياه الصرف الصحي، ومحطات كهربائية، وشبكات اتصالات ونقل - وفي الحقيقة، ستكون المحصلة النهائية تشييد مدن حديثة في مناطق كانت صحراء قاحلة. وكان ذلك ايضا فرصة لاستكشاف آفاق ظهور تقنيات حديثة لأمور كثيرة، منها مثلاً، معامل لتحلية المياه، وأنظمة ميكروويف، ومجمعات للرعاية الصحية، وتقنيات الحاسوب.
وكانت بعض الدول ميداناً لتحقيق أحلام المخططين، وفنتازيا تتحول الى حقيقة بالنسبة الى من تربطه علاقة بأعمال الهندسة والانشاءات. وكانت توفر فرصة اقتصادية، لا مثيل لها في التاريخ: دولة متخلفة تتمتع بموارد مالية لا محدودة ورغبة في دخول العصر الحديث على نحو ضخم وبسرعة.
يقول المؤلف عن دوره في تلك الخطة، انه كان مطلوبا منه ان يصف سلسلة من الخطط (أو التصورات بشكل ادق)، لما يمكن ان يكون ممكنا، والتوصل الى تقديرات تقريبية للتكاليف المرتبطة بها.

 
  Aujourd'hui sont déjà 6 visiteurs (10 hits) Ici!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement