histoire
  الحلف الاطلسي ج2
 



الأطلسي ... هل يحتل العالم ؟!

إن قرار الولايات المتحدة بنصب نظام الصواريخ المضادة في أوربا الشرقية يعد إنتهاكاً لإتفاقيات التعاون الستراتيجي مع روسيا والتي تم توقيعها بعد سقوط جدار برلين , فالتلاعب بآلية حلف الأطلسي سيصب في خدمة سياستها هي , مما سيجعل أوربا التي يعد الحلف أداتها الوحيدة للدفاع مشتركة ضمناً بأهداف السياسة الأمريكية .

ففي المجال المسمى "أوربا الأطلسية" حل الإرتباك محل نظام تسلسل المؤثرات , فأولوية القدرات التنفيذية أصبحت على رأس إختيارات الستراتيجيات الأساسية , فمنذ إختفاء حلف وارشو , أخذ الأطلسي يعرض نفسه بهيئة قوية لا تهتز كعلاقة عسكرية ولكن من دون هدف ستراتيجي معين وبقدرات إطلاق قوى وهيمنة من خلال إمكانيات تكنولوجية متقدمة , خاصة مع الإلتحاق المتتالي لدول حديثة , كانت منذ فترة أعضاء في حلف وارشو .
أخذت منظمة الأطلسي تلعب دوراً كأداة توسع وهيمنة عسكرية أمريكية على منطقة جغرافية تتوسع شيئاً فشيئاً , وهكذا أخذت تخلق واقعاً يحول دون أن يجعل من هذا التوسع موضوع إتفاق سياسي ضمني عام .
لقد اصبح الأطلسي جمعية خدمات قادرة على أن تبني تحالفات خاضعة لرغبات الولايات المتحدة سيدة النظام . فالولايات المتحدة أخذت تميل نحو إستخدامه أداة تعمل من خلاله كواجهة لإحتلال هاديء لأراض بلا حدود , وكمصدر لتوفير إيد عاملة عسكرية متزايدة بشكل مماثل للسوق المتوسعة بين الدول . وبالرغم من تسميته "الأطلسي" إلا أن إمتداده الى افغانستان حدث دون نقاش في خضم الإنفعال العاطفي عند تفجير البرجين .
أما الآن فتم توسعه ليشمل عضوين جديدين هما بولونيا وجيكيا وبالتزامن مع نشر الولايات المتحدة لمنظومة من صواريخ نووية مضادة وفعالة , وتأثير مواضع هذه الصواريخ , إذ إنها تقفز من فوق بلاروسيا وأوكرانيا , فهي من الناحية النظرية :تهيء" للجار الشرقي "إتحاد روسيا" "ردع مسبق" من خطر إفتراضي لسلاح نووي إيراني لم يتحقق بعد , إن هذا الإندفاع يخاطر بزعزعة السلام في أطراف أوربا والشرق الأوسط الذي يعاني اصلاً من إنهيار للسلام يكاد يكون بشكل دائم .
وهكذا نرى كيف تحاول واشنطن العبث ومن طرف واحد بالجيران الشرقيين لروسيا والذين هم اصلاً في وضع غير مستقر كما في القوقاز بالرغم من أن هناك نظامين للتداخل , واحد مع الإتحاد الأوربي والآخر مع روسيا , كانت قد صيغت بأحلاف خاصة جداً والتي من شأنها أن تجعل إندفاع أطلسي الولايات المتحدة نحو إحتلال عمق أوربا – آسيا أقل إحتمالاً .
*تداخل الحلف الأطلسي مع الإتحاد الأوربي :
يذكر أن الإتحاد الأوربي يقبل بموجب معاهدة بدء خطوات معينة قبل القيام بسياسة دفاع أمن مشترك , والدفاع المشترك عادة يعتمد على مبادئ خاصة للإتحاد الأوربي والتي ليس بالضرورة أن تكون هي ذاتها للولايات المتحدة , أن الإتحاد الأوربي يجهز قوة إمداد تتألف من (60000) ستين ألف رجل , وهذه القوة التي تأسست من حيث المبدأ سنة 1992 قد ساهمت في مهمات في يوغسلافيا سابقاً , وتشتمل على وحدات بلجيكية , فرنسية , ألمانية , لكسمبورغية , أسبانية , ولكن القيادة في ستراسبورغ , أوجدت قوة أخرى تضم عسكريين نمساويين وكنديين ويونانيين وإيطاليين وبولنديين وأتراك , وهذا يعني الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي , لذا فالوحدات المجمعة في الجسم الأوربي هي في حقيقة الأمر خاضعة بشكل اساسي الى قوة الرد الأطلسي , وتشكيل هذه القوة قد تم إقرارها في قمة براغ 2002 . وهي وحدة متعددة الجنسيات , سريعة الإنتشار , مؤلفة من قطعات أرضية , جوية , بحرية , وقوات خاصة , تسمح للأطلسي بإمتلاك قوة قادرة على التجمع والإندفاع خلال خمسة ايام الى ثلاثين يوماً .
إن وجود هاتين المجموعتين من الوحدات العسكرية بمواصفات أوربية وأخرى أمريكية وبنظام في القيادة , وإحتمال الإنفصال , بين هاتين المجموعتين يبدده ما نرى من سيادة الأطلسي , ويعبر عن السير بإتجاه إستغلال اوربا .
*تداخل الأطلسي مع روسيا :
كان قد أسس بتوقيع عقد بين الأطلسي وروسيا سنة 1997 ووفق هذه المعاهدة التي يفترض بها أن تجعل من روسيا , شريكاً ستراتيجياً في العلاقة الأطلسية أو في الأقل تسعى الى تثبيت علاقات توافقية وبنية طيبة بين أعداء الأمس وفي نفس السنة وقع الأطلسي في مدريد معاهدة مشاركة نوعية مع أوكرانيا , جددت بموجبها أوكرانيا كمؤسس سياسي وتعريف إقتصادي مرتبط تماماً بإقتصاد السوق .
أما روسيا فقد دخلت بعقدها علاقة ذات هيئة عسكرية ولكن "تشمل الإصلاحات الإقتصادية الجذرية وتهدف الى تعميق عمليات الإحتواء مع مجموع التركيبة الأوربية والأوربية الأطلسية" سمحت في سنة 1997 بقبول أوكرانيا في علاقة إقتصادية مع الأطلسي بعيون مغلقة , وهكذا تأخذ المنظمة منذ عشر سنين شيئاً فشيئاً دور مؤسسة للتوظيف العسكري في "معسكر إقتصاد اللبيرالية الجديدة" مما يحور هدف العلاقة الأطلسية عما هو محدد لها وفق منهج الأطلسي : علاقة عسكرية للديمقراطيات , فهنلك عدد معين من إتفاقيات أخرى ذات مواصفات إقتصادية أو سياسية أو مدنية قد تم توقيعها مع دول كانت شيوعية سابقاً , تحت إسم علاقة مشاركة من أجل السلام , وذلك لإنضوائها تحت مجموعة ما يسمى "أوربا – أطلسي" الذي يمتد حتى أذربيجان وجورجيا .
*هل هناك إنتهاك لعقد التأسيس "أطلسي – روسيا" ؟ :
إن تهيأة ظروف إنتشار في جيكيا وبولونيا في عام 2007 وتأسيس منظومة تصدي لصواريخ نووية آتية من الشرق هي بالتأكيد ضمن روحية عقد التأسيس والذي طالما سمحت الولايات المتحدة لنفسها بإنتهاكه ولكن هناك رسالة أخرى يمكن أن نراها من خلال إعادة قراءة النص حول "إنتهاك الروحية" صحيح إن العقد يتضمن إستشارة وإتفاق وحتى غض النظر عسكرياً تعتبر ستراتيجية ثابتة بين الطرفين الأطلسي والروسي لغرض تطوير التعاون بين مؤسساتهم العسكرية وتقوية التشاور والتعاون السياسي العسكري في إطار إستشارة مشتركة دائمة .
إن الحوار المركز بين المعسكرين يرتكز على مبدأ بموجبه أي طرف لا يعتبر الآخر كواحد , ويتضمن طروحات متبادلة في فترات زمنية منتظمة حول مفهوم العسكرية وستراتيجية الأطلسي والروسي حول مواضع القوى التي تسبب "إنتهاك الرسالة" فالعقد يحتوي على إلتزامات محددة حول عدم نشر وضعيات جديدة ذات علاقة بوسائل ومواد ستراتيجية نووية على أراضي الأعضاء الجدد في الأطلسي ! والدول الأعضاء في الأطلسي يجددون القول بعدم وجود نية ولا مشروع ولا اي سبب لنشر أسلحة نووية على أراضي الأعضاء الجدد وليس لديهم حاجة لتغيير أي صفة للوضعية أو السياسة النووية للأطلسي وليس لهم النية أبداً أو الحاجة في المستقبل لمثل ذلك , والإتفاق يؤكد على التعاون في المجالات الثلاث التالية ! الوقاية من إنتشار الأسلحة النووية , البايولوجية , الكيمياوية . إمكانية التعاون في مواد الدفاع ضد الصواريخ الموضعية , تبادل المعلومات عند الحاجة حول المسائل المرتبطة بالأسلحة النووية وبضمنها المفاهيم وستراتيجية الأطلسي – الروسي ولهذا تعتبر موسكو نفسها معنية بالمواقف الدبلوماسية والعقوبات ضد إيران كما إن الإنتشار الأمريكي المزعوم في بولونيا وجيكيا يمكن أن يعتبر كما لو إنه يهدف الى تحييد المواقع الروسية الرادعة وكان يجب أن يتم بقرار مشترك .
*حرب الخصائص الستراتيجية :
بإنتهاكها روحية ورسالة عقد تأسيس الأطلسي – الروسي , فإن الولايات المتحدة تعتقد دون أدنى شك أن لها الحق في ذلك – طبعاً هو حق الأقوى الذي يفرض نفسه بسهولة وهذا الحق متعارف عليه في حالة سكوت الأضعف – ولكن حكاية المبدأ التي تظهر بهذه الممارسة لا تخص روسية بوتن وإيران فقط وإنما تخص المبدأ نفسه لتجانس الإلتزامات الجديدة للعلاقة الأطلسية بعد الحرب الباردة .
فعقد التأسيس , هو ليس معاهدة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا , ولكن هي معاهدة ستراتيجية بين جميع الدول الأعضاء للأطلسي وروسيا وقعت ليس لمجاملة أو ملاطفة "نظام روسيا" ولا لسياستها الشيشانية ولا حتى لمكافئتها لإرتباطها بإقتصاد السوق , ولكن للإهتمام المعطى لوضع قوانين ثابتة للحفاظ على السلام في هذه الجغرافية الواسعة الممتدة من الأطلسي وحتى فلاديفوستوك على بحر اليابان . فالإتفاق مع روسيا من وجهة نظر أوربية يعتبر إتفاق حسن جوار "لفترة طويلة مما يعني خطأ كان الأمر أم صحيحاً , إننا نثق بالروس لمعالجة مشاكل الأمن لأبعد من حدودها الشرقية , وبغض النظر عن الإمتداد الأوربي – الأطلسي فإن الموقف الأوربي المعتدل تجاه إيران هو أكثر إقتراباً من الموقف الروسي منه من الموقف الأمريكي .
فأمريكا بوش تندفع بقوة للسيطرة خارج الجوار وحتى آسيا الوسطى , بكل وسائل الإمتداد الى دول العالم أجمع , لتجبر الآخرين على قبول سلوكيات غير مقبولة . المسألة إذن تحمل في طياتها عنصر إختلاف في خصائص الإستراتيجية للإتحاد الأوربي والولايات المتحدة . (فالأطلسية الجديدة) تنهج توترات يعمل على تغطيتها موضوعياً بأدب أحد النواب الألمان في كتابة له فيقول , موضوعياً إن نقاط الإختلاف لا تزداد ولكنها تمس هذه المعارك فتصبح على العكس أكثر حدة وأكثر إيلاماً بسبب الضغط المتزايد لروابط جانبي الأطلسي .






 
  Aujourd'hui sont déjà 27 visiteurs (42 hits) Ici!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement