histoire
  الازمة الكورية
 

الأزمة الكورية

ظلت كوريا ترزح تحت سيطرة الحكم الياباني حتى عام 1945م عندما انهزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية. فبعد هزيمة اليابانيين، قامت القوات الأمريكية باحتلال الجزء الجنوبي لكوريا واحتلت القوات السوفييتية النصف الشمالي، وفرض كل منهما سيطرته على الجزء الذي احتله. ولمدة عامين بعد ذلك، حاولت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (السابق)، وحكومتا الكوريتين وضع خطة لإعادة توحيد كوريا إلا أنهم فشلوا. وقامت الولايات المتحدة بطرح المسألة على الأمم المتحدة في عام 1947م.

كانت الأمم المتحدة تريد الإشراف على انتخابات تؤدي إلى اختيار حكومة واحدة للكوريتين إلا أن الاتحاد السوفييتي (سابقًا) رفض السماح لممثلي الأمم المتحدة بالدخول إلى كوريا الشمالية. وفي الجنوب، قام ممثلو الأمم المتحدة بالإشراف على انتخابات عام 1948م وقام المجلس الوطني بانتخاب سينجمان ري رئيساً لجمهورية كوريا التي تم إعلانها في 15 أغسطس. وفي كوريا الشمالية، أعلن الشيوعيون جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وذلك في التاسع من سبتمبر. وادعت كلتا الحكومتين تمثيلها للشعب الكوري بأكمله.

في ديسمبر عام 1948م، أعلن الاتحاد السوفييتي (السابق) أن كل قواته قد غادرت كوريا الشمالية وكذلك سحبت الولايات المتحدة آخر قوات لها في كوريا الجنوبية في منتصف عام 1949م.

قامت قوات كوريا الشمالية بغزو كوريا الجنوبية في يونيو عام 1950م واندلعت الحرب الكورية واستمر القتال حتى التوقيع على الهدنة في يوليو عام 1953م، وقد تورط في الحرب عدد من الدول الكبرى الشيوعية وغير الشيوعية.

كوريا الجنوبية. تسبب تقسيم كوريا في ضعف اقتصاد كوريا الجنوبية وهزاله بحيث اقتصر قطاعه الصناعي على عدد محدود جدًا من مولدات الطاقة. كما زادت الحرب الكورية من مشكلات كوريا الجنوبية الاقتصادية وتسبب القتال في خراب المحاصيل الزراعية ودُمِّر العديد من المصانع.

في الخمسينيات من القرن العشرين، تزايدت حدة انتقادات أعضاء مجلس النواب الوطني لسياسات سينجمان ري، لفشله في حل مشكلات البلاد الاقتصادية وخاف من أن النواب ربما لا يعيدون انتخابه مرة أخرى عام 1952م. ولذلك قام بإجراء تعديل دستوري عن طريق المجلس الوطني، من شأنه أن يعطي الشعب حق انتخاب رئيس الجمهورية. وأعاد الناخبون انتخاب ري بغالبية كبيرة ثم أعادوا انتخابه مرة أخرى في عام 1956م. ولكن في أواخر الخمسينيات فقد ري سنده ولجأ إلى استعمال أساليب غير ديمقراطية متعنِّتة من اُجل أن يحتفظ بسيطرته على الحكومة.

وفي مارس عام 1960م، قرر ري دخول المعركة الانتخابية لفترة رابعة، ولم يجد معارضة لأن خصمه في المعركة مات قبل شهر من إجراء الانتخابات.

وبدءًا من مايو 1961م، توالت عدة حكومات على حكم كوريا الجنوبية حيث تولّى بارك تشونغ هي الحُكْم إثر انقلاب عسكري، ودعا إلى انتخابات ديمقراطية حيث فاز حزبه (الحزب الديمقراطي) بأغلبية المقاعد وتطور الاقتصاد الكوري في عهده تطورًا ملحوظًا.

اغتيل بارك على يد كيم ياي كيو رئيس الاستخبارات المركزية لكوريا الجنوبية التي تسمى الآن الوكالة الوطنية لتخطيط الأمن. وفي أكتوبر عام 1979م، تقلّد رئيس الوزراء تشوي كيوهاه منصب رئيس الدولة بالإنابة وتم انتخابه في ديسمبر بوساطة الهيئة الانتخابية رئيساً للبلاد.

استقال تشوي في أغسطس عام 1980م وانتخب تشن رئيساً للجمهورية بوساطة الهيئة الانتخابية. وفي أكتوبر، نصّ تعديل دستوري على عدم إمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية. وفي فبراير عام 1981م، أنهى تشن العمل بالأحكام العرفية ووضع جدولاً زمنياً للانتخابات ودخلها مرشحًا للرئاسة دون منافس. وفي نهاية ذلك الشهر، كسب حزبه، وهو حزب العدل الديمقراطي، غالبية المقاعد في المجلس الوطني وانتخبت الهيئة الانتخابية تشن رئيساً للجمهورية. وتظاهر العديد من الطلاب ضد تشن وطالبوا بدستور جديد أكثر ديمقراطية.

في يونيو عام 1987م، قطع تشن وعداً بأن يتم انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة بوساطة الشعب بدلاً من الهيئة الانتخابية. وتم إجراء الانتخابات المباشرة في ديسمبر، وفاز روه تاي وو، من حزب العدل الديمقراطي برئاسة الجمهورية. في عام 1990م، أعلن حزب العدل الديمقراطي تقاربًا مع حزب التوحيد الديمقراطي والحزب الديمقراطي الجمهوري الجديد لتكوين الحزب الديمقراطي الحر.

كوريا الشمالية. ظل كيم إل سونج قائداً لكوريا الشمالية منذ تكوين الحكومة في عام 1948م. ففي عام 1946م، وحينما كانت كوريا لشمالية مازالت خاضعة للاحتلال السوفييتي (السابق)، استولت الحكومة الشيوعية على الأراضي الزراعية من أصحابها الأثرياء وأعطتها إلى فقراء المزارعين. كما استولت على معظم الصناعات، وفي الخمسينيات قامت بتنظيم الأراضي الزراعية في شكل مزارع جماعية، وأعلنت في عام 1954م أول مرحلة في خطط التنمية الاقتصادية، وركزت كوريا الشمالية على التصنيع الثقيل وقامت ببناء قوتها العسكرية وقد أثار تطويرها لبرنامجها النووي في بداية تسعينيات القرن العشرين المخاوف في الأواسط الغربية والكورية الجنوبية.

مارست حكومة كيم سلطاتها بكل شدة. وفي عام 1977م، أعلنت الحكومة أن كيم جونج الابن الأكبر لكيم إل سونج سوف يخلف أباه قائدًا بعد اعتزاله أو وفاته. وفي عام 1994م، توفي كيم وخلفه ابنه كيم جونج إل. وفي عهده تدنت الأحوال الاقتصادية وضربت مجاعة البلاد، 1997م، كان الأطفال أكثر المتضررين منها وأثرت الفيضانات ومن بعدها الجفاف في تدني الإنتاج الزراعي. ناشدت كوريا الشمالية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تقديم المساعدات لها. وفي سبتمبر 1998م، أعلن كيم جونج إل رئيساً للبلاد. يذكر أن كيم جونج كان يضطلع بواجباته بوصفه نائباً للرئيس منذ وفاة والده في عام 1994م.

العلاقات بين الكوريتين. في عام 1967م، قامت قوات كوريا الشمالية بشن هجمات متتالية في المنطقة المنزوعة السلاح وهي منطقة محايدة، ووصلت هجماتها إلى داخل كوريا الجنوبية نفسها. وفي عام 1968م، قام نحو 30 جنديًا كورياً شمالياً من قوات الكوماندوس (الفدائيين) بالهجوم على سيؤول وحاولوا اغتيال الرئيس بارك، إلا أنهم فشلوا وتزايدت في هذه الفترات أعمال الهجوم على نطاق ضيق. طالت المناوشات الكورية الشمالية الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا. ففي يناير 1968م، استولت كوريا الشمالية على سفينة التجسس الأمريكية بويبلو في بحر اليابان. كما أسقطت في عام 1969م طائرة تابعة للبحرية الأمريكية على بعد 160كم من ساحل كوريا الشمالية.

سبب الموقف الكوري المتوتر اهتماماً عالمياً واسعاً. وفي خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، عقد ممثلو الشمال والجنوب مباحثات مابين حين وآخر كانت تهدف إلى إعادة توحيد الشطرين سلميًا، إلا أنه لم يتمخض عنها أي تقدم نحو هذا الهدف. إلا أن الطرفين أتفقا عام 1991م على قبول التعايش السلمي وعدم استخدام بعضهما القوة ضد بعض. كما اتفقت الدولتان على زيادة التبادل التجاري والاتصالات بين البلدين. ومنعت بنود أخرى في الاتفاقية الدولتين من استخدام أو حيازة الأسلحة النووية. وانضمت الكوريتان للأمم المتحدة بوصفهما دولتين منفصلتين. لم تشهد العلاقات بين الكوريتين أية تطورات تذكر ـ ما عدا اتفاقات عام 1991م ـ منذ نهاية الحرب الكورية. وفي عام 1994م، وقعت كوريا الشمالية اتفاقية مع الولايات المتحدة تعهدت فيها بوقف كل نشاطاتها النووية وأعلنت رغبتها عن أن تصبح قوة نووية.

التطورات الأخيرة في كوريا الجنوبية. تم انتخاب كيم داي جونج رئيساً للبلاد في ديسمبر 1997م، وباشر مهام عمله في فبراير 1998م.

وفي نهاية تسعينيات القرن العشرين عانت كوريا الجنوبية أزمات اقتصادية حادة، وانهارت عملتها، وتأرجحت أسعار سوق الأوراق المالية فيها، وأفلست كثير من الشركات وانتشرت البطالة. ناشد الرئيس كيم داي جونج شعبه بتقديم مزيد من التضحيات لعبور هذه الأزمات الاقتصادية الطاحنة.

 

مع تحيات أبو فراس البوزيدي

 

 
  Aujourd'hui sont déjà 61 visiteurs (85 hits) Ici!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement